>

Sunday 3 April 2016

برّ الوالدين

بر الوالدين

۞اَللَّهُمَّ اغْفِرَلِيْ وَلِوَالِدَىَّ وَارْحَمْهُمَا كَمَارَبَّيَانِيْ صَغِيْرًا۞

 برّ الوالدين هو ما كان ضدّ العقوق، حيث قال ابن منظور:" والبرّ ضدّ العقوق، والمبرّة مثله، وبررت والدي: بالكسر أبرّه برّاً، وقد برّ والده يبرّه ويبرّه برّاً، فيبرّ على بررت، ويبرّ على بررت "، وقال:" ورجل برّ من قوم أبرار، وبارّ من قوم بررة، وروي عن ابن عمر أنّه قال: إنّما سمّاهم الله أبراراً لأنّهم برّوا الآباء والأبناء "، وقال:" كما أنّ لك على ولدك حقّاً كذلك لولدك عليك حقّ ". (1)

وقال ابن الأثير رحمه الله:" لبِرُّ بالكسر الإحسان، ومنه الحديث في برّ الوالدين: وهو في حقّهما وحقّ الأقربين من الأهل ضدّ العقوق: وهو الإساءة إليهم والتضييع لحقّهم "، واصطلاحاً: برّ الوالدين: هو الإحسان إليهما، بالقلب، والقول، والفعل تقرّباً إلى الله تعالى. (2)


………………………….....…………...…...…….............................……………………….
حكمه التكليفي

لقد أولى الإسلام الوالدين اهتماماً بالغاً، حيث جعل طاعتهما وبرّهما من أفضل القربات إلى الله تعالى، ونهى كذلك عن عقوقهما، وشدّد على هذا الأمر كثيراً، كما ورد في القرآن الكرين قوله سبحانه وتعالى:" وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّل مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً "، الإسراء/23 .

وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بأن نعبده ولا نشرك به شيئاً، وقد قرن برّ الوالدين بذلك، وكلمة القضاء في الآية السّابقة جاءت بمعنى الوجوب، والإلزام، والأمر. كما أنّه سبحانه وتعالى قد قرن شكرهما بشكره في قوله سبحانه وتعالى:" أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ "،
سورة لقمان، 14 ، فإنّ الشّكر لله سبحانه وتعالى يكون على نعمة الإيمان، وأمّا شكر الوالدين فيكون على نعمة التّربية الصّالحة، وقد قال سفيان بن عُيينة:" مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَقَدْ شَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَمَنْ دَعَا لِوَالِدَيْهِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ شَكَرَهُمَا ".

وقد ورد في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود قال:" سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَال أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَل؟ قَال: الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَال: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَال: الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ "،
رواه البخاري . فقد أخبرنا النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ برّ الوالدين من أفضل الأعمال بعد الصّلاة، والتي هي دعامة من دعائم الإسلام.

وقد قدّم الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - برّ الوالدين في الحديث على الجهاد، حيث أنّ برّ الوالدين فرض عين، ولا ينوب عنه فيه أحد آخر، فقد قال رجل لابن عبّاس:" إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَغْزُوَ الرُّومَ، وَإِنَّ أَبَوَيَّ مَنَعَانِي. فَقَال: أَطِعْ أَبَوَيْكَ، فَإِنَّ الرُّومَ سَتَجِدُ مَنْ يَغْزُوهَا غَيْرَكَ "، ولا يختصّ برّ الوالدين بكونهما مسلمين، بل حتى ولو كانا كافرين فإنّه يجب عليه أن يبرّهما، ويحسن إليهما، ما لم يأمراه بشيء فيه شرك أو معصية للخالق (3)، قال سبحانه وتعالى:" لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "،
سورة الممحتنة، 8 .


……………….....………..…………......……….....................................………………..
كيفيّته

إنّ البرّ بالوالدين يكون من خلال الإحسان إليهما، والقول اللين، والتّرفق بهما، ومحبّتهما، وتجنّب القول الغليظ الذي يسبب نفرتهما، ومنادتهما بما يحبّان من الألفاظ، وقول ما ينفعهما في أمور دنياهما وآخرتهما، وتعليمهما ما يحتاجان من أمور الدّنيا والدّين، ومعاشرتهما بالمعروف، وهو كلّ ما عرف جوازه في الشّرع، وإطاعتهما في كلّ ما يأمرانه به، من أمر واجب أو مندوب، وترك ما يأمران بتركه ما لم يكن في ذلك ضرر.

وإنّ من برّ الوالدين أيضاً عدم محاذاتهما في المشي، وعدم التقدّم عليهما، إلا في حالات الضّرورة مثل الظلام، وعدم الجلوس عند الدّخول عليهما إلا بإذنهما، وأن لا يقوم إلا بإذنهما، ولا يستقبح منهما أمراً حال كبرهما وعجزهما لأنّ ذلك يؤذيهما، قال الله سبحانه وتعالى:" وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا "،
سورة النّساء، 36 .

وقال ابن عبّاس:" يُرِيدُ الْبِرَّ بِهِمَا مَعَ اللُّطْفِ وَلِينِ الْجَانِبِ، فَلاَ يُغْلِظُ لَهُمَا فِي الْجَوَابِ، وَلاَ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا، وَلاَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَيْهِمَا "، وإنّ من أوجه البرّ والأحسان إليهما أيضاً عدم الإساءة إليهما بسبّ أو شتم، أو إيذاؤهما بأيّ شكل من الأشكال، لأنّ ذلك يعدّ من الكبائر بلا أيّ خلاف، فقد ورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إِنَّ مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمَ الرَّجُل وَالِدَيْهِ، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ: وَهَل يَشْتُمُ الرَّجُل وَالِدَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ، يَسُبُّ الرَّجُل أَبَا الرَّجُل فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ "، وفي رواية أخرى:" إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُل وَالِدَيْهِ. قِيل: يَا رَسُول اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُل وَالِدَيْهِ؟ قَال: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُل فَيَسُبُّ الرَّجُل أَبَاهُ "،
رواه البخاري

وإنّ من برّ الوالدين أيضاً صلة من كان ودّاً لهما (3)، فقد ورد في الصّحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول:" إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُل أَهْل وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ، فَإِنْ غَابَ أَوْ مَاتَ يَحْفَظُ أَهْل وُدِّهِ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ مِنْ تَمَامِ الإِحْسَانِ إِلَيْهِ "،
رواه مسلم.


……………………………………….............….....…...........................…......…………...
بر الوالدين بعد موتهما

يمكن للإنسان أن يبرّ والديه بعد موتهما وذلك من خلال ما يلي: (2)
  • الاستغفار للوالدين، وذلك لقوله سبحانه وتعالى ذاكراً دعاء إبراهيم:" رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ "، سورة إبراهيم، 40-41 .
  • الدّعاء للوالدين، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له "، رواه الألباني .
  • قضاء الدّين عن الوالدين، وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" نفس المؤمن مُعَلّقة بدَيْنِه حتى يُقْضى عنه "، رواه الترمذي، ولديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" يغفر للشهيد كلّ شيء إلا الدّين "، رواه الألباني .
  • قضاء النّذور عن الوالدين، مثل نذر الصّيام، أو نذر الحجّ أو العمرة، أو غير ذلك ممّا يمكن النّيابة فيه.
  • قضاء الكفّارات عن الوالدين، مثل كفّارة اليمين، وكفّارة قتل الخطأ، وغير ذلك، وذلك لقوله - صلّى الله عليه وسلّم - في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه:" أنَّ امرأةً رَكِبتِ البَحرَ فنذرَت، إنِ اللهُ تبارَكَ وتعالى أنجاها أن تَصومَ شَهْرًا، فأنجاها اللهُ عزَّ وجلَّ، فلَم تَصُمْ حتَّى ماتَت، فجاءَتْ قَرابةٌ لَها إمَّا أُختَها أو ابنتَها إلى النَّبيِّ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ - فذَكَرَت ذلِكَ لهُ، فقالَ: أرأيتَكِ لَو كانَ علَيها دَينٌ كُنتِ تَقضينَهُ؟ قالَت: نعَم. قال: فدَينُ اللَّهِ أحقُّ أن يُقضَى، فَاقضِ عن أمِّكِ "، رواه الألباني .
  • تنفيذ وصيّة الوالدين، والأسراع بتنفيذها.
  • إكرام أصدقاء الوالدين بعد موتهما، وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه قال:" إنّ أبرَّ البرّ صلةُ الولدِ أهلَ وُدِّ أبيه "، رواه مسلم .
  • التّصدق عن الوالدين، وذلك لحديث سعد بن عبادة رضي الله عنه، أنّ أمّه توفيت، فقال:" يا رسولَ اللهِ إنَّ أمي تُوفيتْ وأنا غائبٌ عنها، فهل ينفعها شيء إن تصدَّقتُ بهِ عنها؟ قال: نعم. قال: فإنّي أُشهدكَ أنَّ حائطي بِالْمِخْرَافِ صدقةٌ عليها؟ قال: نعم، قال: فإنّي أشهِدُك أنّ حائطي المخراف صدقةٌ عليها "، رواه البخاري .

قصة قصيرة عن الأم وابنها^

الأفعال الخمسة

الأفعال الخمسة


  
^الأفعال الخمسة وعلامة رفعها (الجزء الأول)

^علامة نصب وجزم الأفعال الخمسة (الجزء الثاني)


الأفعال الخمسة هي أفعال مضارعة اتصلت بألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة، وكانت على وزن واحدة من الكلمات الآتية:
·       (هما) يلعب + ان = يلعبان. (ألف الاثنين، للغائب)
·       (انتما) تلعب + ان = تلعبان. (ألف الاثنين، للمخاطب)
·       (هم)يلعب +ون= يلعبون. (واو الجماعة، للغائب)
·       (أنتم) تلعب + ون = تلعبون. (واو الجماعة، للمخاطب)
·       (أنت مؤنث)تلعب+ ين = تلعبين. (ياء المخاطبة، للمخاطبة فقط)

الأمثلة:
·       الطلّاب يلعبون بالكرّة.
·       الطالبان يلعبان بالكرة.
·       أنتما تلعبان بالكرة.
·       أنتم تلعبون بالكرة.
·       أنت تلعبين بالكرة.
سميت بالأفعال الخمسة لأنها تأتي على خمس صيغ كما ذكر في الأعلى.
..................................................................................................................................
إعراب الأفعال الخمسة

الرفع
ترفع الأفعال الخمسة بثبوت النون ما لم يسبق الفعل المضارع الصحيح أداة ناصبة أو جازمة، مثل (يكتبان - تعملان - يقومون - تخدمون - تعرفين)، وإن كان الفعل المضارع معتلاً.

النصب
تنصب الأفعال الخمسة بحذف النون - سواء كان الفعل المضارع صحيحا أو معتلا - إذا سبق الفعل المضارع أداة ناصبة مثل (أن - لن - كي - حتى - لام التعليل - لام الجحود - فاء السببية - واو المعية)، مثل (الطالبان لن يذاكرا - اللاعبان لن يجريا).

الجزم
تجزم الأفعال الخمسة بحذف النون - سواء كان الفعل المضارع صحيحاً أو معتلاً - إذا سبق الفعل المضارع أداة من الأدوات الجازمة لفعل واحد

مثل :
(لا الناهية - لم النافية - لام الأمر - لما التي معناها النفي)
مثل :
( لا تقول = لا تقل - لم يجري = لم يجر - لما ينام = لما ينم - هيا لتموت = هيا لتمت)، أو سبق الفعل أداة من أدوات الشرط الجازمة لفعلين
مثل :
( إن - من - ما - مهما - متى - أين - أيان - أينما - حيثما - أي )
مثل :
( إن تذاكرون تنجحون = إن تذاكروا تنجحوا - من يستطيع فعل الخير يكون إنساناً = من يستطع فعل الخير يكن إنساناً ).

إسناد الأفعال إلى كلٍّ من ألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة في الآتي سنُسند كُلًّا من الأفعال الآتية إلى ألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة مع بيان ما حدث من تغير
·       يشرح (صحيح الآخر)
·       ينهى (معتل الآخر بالألف)
·       يسمو (معتل الآخر بالواو)
·       يمشي (معتل الآخر بالياء)
ألف الاثنين
واو الجماعة
ياء المخاطبة
يشرحان، تشرحان (أُضيفت الألف الاثنين وفُتح ما قبلها)
يشرحون، تشرحون (أُضيفت واو الجماعة وضُم ما قبلها)
تشرحين (أُضيفت ياء المخاطبة وكُسر ما قبلها)
ينهيَان، تنهيَان (قُلبت الألف ياءً)
ينهَوْن، تنهَوْن (حُذفت الألف المقصورة)
تنهَيْن (حُذفت الألف المقصورة)
يسمُوَان، تسمُوَان (أُضيفت الألف الاثنين وفُتح ما قبلها)
يسمُون، تسمُون (حُذفت واو الفعل)
تسمِين (حُذفت واو الفعل وكُسر ما قبلها)
يمشِيَان، تمشِيَان (أُضيفت الألف الاثنين وفُتح ما قبلها)
يمشُون، تمشُون (حُذفت الياء وضُم ما قبلها)
تمشِين (حُذفت ياء الفعل)



تنظيم الأسرة في الإسلام



تنظيم الأسرة في الإسلام


اهتم الإسلام بالأسرة اهتمامًا كبيرًا، ووضع تشريعات وقوانين وأسس تأكد على ضرورة التكوين السليم للأسرة، وتأسيسها التأسيس القويم، وحميتها من الأمور والأفعال التي قد تؤثر عليها، وعلى مسارها، فكانت المحبة والتفاهم والتعامل الجيد والطاعة ما بين الأب وأبنائه، وما بين الأب والأم بأسلوب جيد، وسليم يعتمد على حسن الخلق والطباع الحميدة الفضيلة.


لقد ركز الإسلام على الأمور التي تجعل من الأسرة المسلمة أسرة قويةً متماسكةً؛ لأنّها أساس قوة المجتمع المسلم، فالأسرة القوية والمستقرة والمتماسكة تشكل قاعدة قوية لبناء المجتمع القوي والسليم، ولا يتعارض مفهوم تنظيم النسل في الأسرة المسلمة بما يتوافق مع مصلحة المجتمع المسلم، فاذا كان تنظيم النسل في الأسرة المسلمة يساعد على بناء مجتمع تنموي وقوي وصحي فمرحبًا به.


علينا أن نسلم بأنّ الدعوة التي تدعوا إلى تنظيم الأسرة المسلمة لا يجوز أن تكون دعوة إلى محاربة الزواج والنسل والذرية بحد ذاتها، وعلينا التسليم بأنّ حب الولد والذرية حب فطري لا يمكن أن تقهره تلك العقبات المصطنعة والموضوعة في طريق النسل، فوجود الذرية بين البشر أمر واجب لا بد منه، ولا يمكن أن يمنعه عواقب توضع في طريقه، ولكن القرآن الكريم والسنة النبوية توجهنا إلى أن تكون الذرية صالحة طيبة ونافعة منتفعة.


وبالذرية الصالحة والنافعة تكون قرارة العين، أي طمأنينة النفس وهدوؤها واستقرارها، فقد طلب ذلك بعض الأنبياء بدعائهم ربهم فقالوا: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين".

ولا يشك عاقل أن الزوج هوا مفتاح الذرية، فقد اشترط الإسلام على الرجل أن يكون قادرًا مقتدرًا على تبعات الزواج، وإلّا فقد طالبه بالانتظار حتى تتوفر له المقدرة.



...................................................................................................................................

أمّا عن تعريف تنظيم الأسرة:


يعرف تنظيم الأسرة بأنّه إيجاد فترات متراوحة ومتباعدة بين مرات الحمل بطريقة مشروعة لا غبار عليها غير ضارة للداع الذي يدعوا إليها.


والحديث عن موضوع تنظيم النسل قديم ليس بالجديد، فقد تحدث عنه بعض العلماء كابن القيم والغزالي وغيرهما، وقد وضعوا بعضًا من الشروط التي قد تتسبب في هذا الأمر:


1. أن يكون هناك مانع معين، كالمرض المعدي عند أحد الزوجين أو كلاهما.


2. أن يكون هناك خوف على صحة أحد الزوجين وخاصةً الزوجة بسبب الحمل المتتالي.


3. قد يكون بسبب الضعف الاقتصادي أو عدم المقدرة في رعاية الزوج للأسرة.


فان كان تنظيم النسل في الأسرة لأحد تلك الأسباب أو غيرها من الأسباب، كتربية الأبناء التربية السليمة أو الحرج من كثرة الأولاد وعدم المقدرة على رعايتهم ومتابعتهم والتعب منهم ونحوه.


وقد تكلم الامام الغزالي عن حكم منع الحمل، وقد كان في عهد الصحابة  -رضوان الله عليهم- عن طريق العزل، والعزل كان في عهد الصحابة عن طريق عدم التقاء اللقاح ففي قول رسول الله -صلى الله عليه وسلـم- خير شاهد ودليل على جواز تنظيم الأسرة فقد قال: "لا يعزل عن الحرة إلّا بإذنها".


وفي هذا جواز للعزل وتنظيم النسل في الأسرة ولكن باتفاق الزوجين معًا وعدم معارضة أحدهما.